بدأت في عمان، فعاليات منتدى المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتأثيرها على تمكين المرأة، الذي ينظمه اتحاد المصارف العربية بالتعاون مع جمعية البنوك في الأردن وعدد من المؤسسات الاقليمية والدولية.
ويناقش المشاركون على مدى يومين استراتيجيات وآليات دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في دعم التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وسياسات الشمول المالي كمنطلق لدعم المشروعات الصغيرة وتنمية الابتكار والإبداع.
كما يناقش دور القطاع المصرفي والمؤسسات المالية الدولية ومؤسسات ضمان المخاطر في دعم وتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والتمكين الاقتصادي للمرأة من أجل تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، والابداع والابتكار ودعم جهود ريادة الأعمال، الطريق نحو المستقبل.
وقال محافظ البنك المركزي، الدكتور زياد فريز، الذي افتتح الفعاليات، إن المرأة استطاعت إبراز تميزها في العمل في معظم القطاعات، وأضحت تبحث عن أشكال مختلفة من العمل، فتوجهت إلى المشاريع الصغيرة والمتوسطة. وفي ظل مجموعة من الظروف المحيطة بالمرأة سعت أغلب الدول إلى اعتماد استراتيجيات تنموية تركز على تمكين المرأة في مختلف المجالات لأنه من أكثر المفاهيم اعترافا بالمرأة كعنصر فاعل في النسيج الاقتصادي ويجعل من التنمية أكثر مشاركة بين النساء والرجال.
وأضاف أن تقريرا لمؤسسة التمويل الدولية اشار إلى أن نسبة الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة من النساء تشكل 34 بالمئة مقابل 66 بالمئة مملوكة من الرجال في العالم، فيما كانت نسبة الشركات المملوكة من النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حدود 14 بالمئة، والتي تعد من أقل النسب في العالم بعد جنوب آسيا.
وأكد أنه على الرغم من نمو ومساهمة الشركات المملوكة من النساء، فإن هناك فجوة هائلة في الحصول على التمويل، حيث أشار أحد التقارير الى ان التمويل هو اهم التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة وهذا التحدي يتفاقم في حال الشركات المملوكة من النساء، وخاصة بسبب ضعف الضمانات التي تملكها النساء، وضعف حقوق الملكية، والتمييز الموجود في التشريعات والقوانين والأنظمة والأعراف.
وقال إن تقديرات مؤسسة التمويل الدولية IFC بينت أن حوالي 70 بالمئة من الشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة للنساء في القطاع الرسمي في الدول النامية إما أنها لا تحصل على خدمات مالية أو أنها تحصل على خدمات مالية أقل من احتياجاتها، وتقدر قيمة هذه الفجوة بنحو 287 مليار دولار.
وأضاف أنه إذا تم سد الفجوة التمويلية للنساء في 15 دولة فقط بحلول العام 2020، فإن هذا سيزيد من نصيب الفرد من الدخل بنسبة 12 بالمئة في العام 2030.
وبالنسبة للفجوة التمويلية للشركات الصغيرة والمتوسطة المملوكة من النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قال إن الاحصائيات تشير الى أنها بحدود 50 مليار دولار، او ما يعادل 171 ألف دولار لكل منشأة، وهي الفجوة الأعلى مقارنة بالمتوسط العالمي.
وبين أنه في ضوء هذه التحديات فقد أطلق البنك المركزي الأردني عددا من المبادرات بالتشارك مع عدد من الجهات الإقليمية والمحلية التي تولي اهتماما في تعزيز الشمول المالي ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث أطلق البنك المركزي الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي 2018- 2020 ومن بين اهدافها رفع مستوى الشمول المالي إلى 5ر41 بالمئة في العام 2020 من 1ر33 بالمئة في 2017 مقاسا بعدد البالغين الذين يملكون حسابات في مؤسسات مالية، والثاني تقليص فجوة الوصول المالي بين الرجال والنساء إلى 35 بالمئة من 53 بالمئة.
أما بخصوص المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فأكد المحافظ أن البنك المركزي واصل دوره في دعم وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة، حيث تعاون مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي ومؤسسات تمويل دولية وإقليمية لحشد تمويل لقطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة يصل إلى ما يقارب 440 مليون دولار بأسعار فائدة منافسة ولآجال مناسبة، وصل منها حتى الآن حوالي 240 مليون دولار.
وبين الدكتور فريز أن هذه الأموال تم اقراضها لحوالي 15 ألف مشروع متناهي الصغر وصغير ومتوسط، حيث ان نحو 70 بالمئة منها مشروعات مملوكة من النساء، فيما ساهمت بتوفير حولي 4500 فرصة عمل جديدة بالإضافة الى المحافظة على فرص العمل القائمة في هذه المشاريع.
وأشار إلى برامج التمويل الموجهة لقطاعات الصناعة والسياحة والطاقة المتجددة والزراعة وتكنولوجيا المعلومات والاستشارات الهندسية، بما فيها الشركات الصغيرة والمتوسطة، بسعر فائدة واحد بالمئة للتمويل الموجه للمشاريع المتواجدة في المحافظات خارج عمان و 75ر1 بالمئة لتمويل المشاريع المتواجدة في العاصمة وبمبلغ إجمالي يصل إلى حوالي 1ر1 مليار دينار.
وبين أنه استفاد من هذه البرامج حوالي 789 مشروعا منها 40 مشروعا مملوكا من قبل النساء، حيث بلغت قيمة المشاريع التي مولت ضمن هذا البرنامج حوالي 543 مليون دينار، كما ساهمت هذه التمويلات في توفير حوالي 8 آلاف فرصة عمل جديدة.
ودعا محافظ البنك المركزي المشاركين إلى إيجاد بيئة ممكنة للنساء صاحبات الأعمال تقوم على دعم وتعزيز قدرات المؤسسات العاملة في مجال تطوير المشاريع النسائية.
بدوره، قال رئيس مجلس إدارة جمعية البنوك في الأردن، هاني القاضي، إن مفهوم تمكين المرأة ينطوي على تعزيز سيطرة النساء على حياتهن في الأسرة والمجتمع، والبيئة المحلية، والسوق، مؤكدا أن تمكين المرأة يعد أحد الموضوعات الرئيسة المطروحة في المحافل الدولية والعالمية خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
واضاف أن هذه المحافل أكدت أهمية تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، ومعالجة القيود والعقبات للنهوض بأحوال المرأة وتمكينها في جميع أنحاء العالم، والحض على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة وضرورة إدماج عنصر تنمية المرأة ومقومات تمكينها ضمن أولويات خطط التنمية الوطنية وبرامج العمل الحكومية.
وأشار إلى أن الدراسات أكدت وجود علاقة وثيقة بين تمكين المرأة وبين التنمية الاقتصادية؛ حيث تشير التقديرات إلى أن المرأة تساهم حاليا بحوالي خمس الناتج المحلي الإجمالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وهي من أدنى نسب المساهمة في العالم بعد الهند.
وأكد القاضي أن زيادة المشاركة الاقتصادية للمرأة ستساهم بنسبة 80- 90 بالمئة من النمو الاقتصادي في المنطقة، لافتا إلى أن تمتع المرأة بنفس الفرص الاقتصادية التي يتمتع بها الرجال، يؤدي الى زياة الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا بنسبة تزيد عن 47 بالمئة في العام 2025 حسب بعض الدراسات.
وبالنسبة إلى تمكين المرأة في الأردن، ذكر القاضي أن اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة وضعت أول استراتيجية وطنية للمرأة في العام 1993، وأصدرت خطة استراتيجية لتمكين المرأة تضمنت ثلاثة محاور أساسية، هي التمكين الاجتماعي، والتمكين السياسي والمشاركة في الحياة العامة، والتمكين الاقتصادي.
وقال إن البنوك العاملة في المملكة تلعب دورا مباشرا في زيادة التمكين الاقتصادي للمرأة وذلك إما من خلال التوظيف المباشر للنساء، أو من خلال التعامل المصرفي معهن، حيث شكلت الإناث 6ر34 بالمئة من إجمالي عدد موظفي البنوك في نهاية العام 2017، والتي تعد مرتفعة نسبيا لدى مقارنتها مع نسبة النساء إلى مجموع المشتغلين في الأردن والتي تقدر بحوالي 10 بالمئة.
أما من حيث التعامل المصرفي مع النساء، فقد اشار القاضي إلى أنها شكلت 33 بالمئة من عدد المودعين، فيما شكلت قيمة الودائع منهن حوالي 27 بالمئة من إجمالي الودائع لدى البنوك العاملة في الأردن في العام 2017.
أما عدد النساء المقترضات من البنوك فقد شكل 20 بالمئة من إجمالي عدد المقترضين الأفراد، وقيمة القروض للنساء 4ر17 بالمئة من إجمالي قيمة القروض الممنوحة للأفراد.
وحول تجارب البنوك العاملة في الأردن ودورها في تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة، قال القاضي إن الإحصاءات المتوفرة لدى جمعية البنوك تشير الى أن حوالي 22 بالمئة من البنوك العاملة في الأردن تقدم منتجات وخدمات مخصصة للمرأة، وأن جميع البنوك تقوم باعتبار ومعاملة العملاء من النساء بشكل مساو تماما للعملاء من الرجال، وذلك من حيث قيمة وسقوف التمويل، والضمانات المطلوبة، وفترات السداد "وهو ما يعكس نهج العدالة التي تتبعه البنوك في المساواة بين الجنسين".
ولفت إلى أن 60 بالمئة من البنوك في الأردن تبنت مبادرات خاصة بالتمكين الاقتصادي للمرأة خلال السنوات الثلاثة الأخيرة.
من جهته قال أمين عام اتحاد المصارف العربية، وسام فتوح، إن رسالة المنتدى تتمثل في ربط تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، "من خلال قدرتها الاستيعابية الكبيرة للأيدي العاملة"، بالدور الاقتصادي الفاعل للمرأة العربية، بما يخفف من الضغط على القطاع العام، ويمكن المرأة من لعب دور فاعل في تعزيز التنمية الاقتصادية في مجتمعاتنا.
وأضاف أن الاتحاد سعى، منذ سنوات، إلى إبراز أهمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في إعادة هيكلة الإقتصادات العربية لكي تصبح هذه المشروعات من أهم آليات تفعيل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في منطقتنا العربية، خصوصا وإنها أثبتت أنّها أكثر قدرة على الصمود في مواجهة المتغيرات والأزمات والتقلبات الاقتصادية من المشروعات الكبيرة، وبالتالي مكافحة البطالة والمساهمة في تخفيف الضغط عن أسواق العمل.
وأكد أن التنمية الشاملة والمستدامة تعد مطلبا أساسيا وأن الاهتمام بالمرأة وبدورها في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة أصبح جزءا أساسيا في عملية التنمية ذاتها؛ فالمرأة تشكل نصف المجتمع، وبالتالي نصف طاقته الإنتاجية وتساهم في العملية التنموية على قدر المساواة مع الرجل.
وبين أن النساء يشكلن حوالي نصف سكان العالم، "إلا أنهن لا يمتلكن سوى واحد بالمئة من ثرواته، ويحصلن على 10 بالمئة من دخله، ولا يشغلن سوى 14 بالمئة من مناصبه القيادية في القطاعين العام والخاص على حد سواء".
وعلى صعيد المنطقة العربية، أشار إلى أن الدول العربية تقع في أسفل الفجوة العالمية بين الجنسين، حيث تواجه المرأة في معظم هذه الدول حواجز يتعذر تجاوزها، وتمييزا وعقبات قانونية وتنظيمية وافتقارا للفرص الاقتصادية، وظروف عمل صعبة، وغيابا للدعم المؤسسي والمجتمعي اللازم للاستفادة من طاقاتها في الحياة الاقتصادية والعامة.
وبين أن نسبة النساء من القوى العاملة في العالم العربي لا تتجاوز 24 بالمئة "إلا أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة اهتماما بتمكين المرأة في بعض الدول العربية ووعيا لعلاقة متبادلة بين النمو الاقتصادي وتمكين المرأة، وخصوصا في القطاعات المصرفية، حيث أن نسبة العاملات في بعض القطاعات المصرفية العربية، تأتي متوازنة في بعض الدول، ومتفاوتة في البعض الآخر، حيث تشير المصادر إلى أن نسبة العاملات في القطاع المصرفي في لبنان تبلغ 47 بالمئة وفي الإمارات العربية 40 بالمئة، وفي قطر 35 بالمئة وفي البحرين ومصر 32 بالمئة، وفي السعودية 13 بالمئة.
كما تظهر دراسات حديثة، التحسن الملحوظ في مستويات الشمول المالي في بعض الدول العربية، حيث توصلت دراسة أجراها البنك المركزي الأردني والوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ عام 2017 إلى أن نحو 33 بالمئة من البالغين في الأردن و27 بالمئة من النساء يتمتعون بالوصول للخدمات المالية، مقابل 6ر24 بالمئة و5ر15 بالمئة في عام 2014، على التوالي، بينما 38 بالمئة مستبعدون من القطاع المالي الرسمي.
وفيما يتعلق بالشركات الصغيرة والمتوسطة، التي تمثل حوالي 80 بالمئة من النشاط الاقتصادي في المنطقة، لا يزال الحصول على التمويل من أكبر التحديات التي تواجهها، حيث يحصل مشروع واحد فقط من أصل خمسة، على قرض مصرفي، وغالبا ما يكون في شكل قرض قصير الأجل.
وقال فتوح إنه لتلبية احتياجات تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في المنطقة العربية، ينبغي أن تنمو هذه النسبة بحوالي 300 بالمئة إلى 360 بالمئة بحسب صندوق النقد العربي في احدث بيانات له.
ودعا لتحويل البيئة الاقتصادية إلى بيئة حاضنة ومشجعة للمرأة، إلى إزالة العقبات التي تعوق عملية تمكين المرأة سواء أكانت قانونية أم اجتماعية، وتبني سياسات وإجراءات وتشريعات، وإقامة هياكل ومؤسسات تساعد في القضاء على مظاهر الإقصاء والتهميش، وتتولى عملية التمكين إبتكار أدوات مالية مخصصة للمرأة، وتحفيزات تشجعها على الانخراط في الدورة الاقتصادية. (بترا)
06-آب-2018 05:00 ص